كفروه علماً قطعياً، ولا ينجيهم اعتقاد الإسلام إجمالاً، والعمل بالواجبات عن الحكم بكفرهم كما لا ينجى الساجد للصنم ذلك.
قلت: وممن جنح إلى بعض هذا البحث الطبري في "تهذيبه"، فقال بعد أن سرد أحاديث الباب:
فيه الرد على قول من قال: لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالماً. فإنه مبطل لقوله في الحديث:"يقولون الحق، ويقرؤون القرآن ويمرقون من الإسلام، ولا يتعلقون منه بشيء" ومن المعلوم أنهم لم يرتكبوا استحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا بخطأ منهم فيما تأولوه من آي القرآن على غير المراد منه.
ثم أخرج بسند صحيح عن ابن عباس:"ذكر عنده الخوارج وما يلقون عند قراءة القرآن فقال: يؤمنون بمحكمة ويهلكون عند متشابهه" ويؤيد القول المذكور الأمر بقتلهم مع ما تقدم من حديث ابن مسعود: "لا يحل قتل امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وفيه التارك لدينه، المفارق للجماعة".
قال القرطبي في "المفهم": يؤيد القول بتكفيرهم التمثيل المذكور في حديث أبي سعيد.
فإن ظاهر مقصوده أنهم خرجوا من الإسلام ولم يتعلقوا منه بشيء كما خرج السهم من الرمية لسرعته وقوة رامية بحيث لم يتعلق من الرمية بشيء، وقد أشر إلى ذلك بقوله:"سبق الفرث والدم". قال صاحب "الشفاء" فيه: وكذا القطع بكفر كل من قال قولاً يتوصل به إلى تضليل الأمة أو تكفير الصحابة، وحكاه صاحب " الروضة " في كتاب الردة عنه وأقره.