الأول وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله ابتداء لا بالعدوى المنفية فيظن أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسما للمادة هذا كلام الحافظ إلا أنه أورد عليه اجتنابه صلى الله عليه وسلم عن المجذوم عند إرادة المبايعة مع أن منصب النبوة بعيد من أن يورد لحسم مادة ظن العدوى كلاما يكون مادة لظنها أيضا فإن الأمر بالتجنب أظهر في قبح مادة ظن أن العدوى لها تأثير بالطبع وعلى كل تقدير فلا دلالة أصلا على نفي العدوى سببا فإنه إذا ظن أن الجذام حصل بسبب المخالطة واعتقد صحة العدوى بالتأثير السببي لا حرج فيه وإن أريد أنه بسبب المخالطة يعتقد صحة العدوى بالطبع فيرد عليه أنه يجب حينئذ على كل أحد أن يجتنب ما يتعلق بالأسباب كالمعالجة بالأدوية بل مزاولة الأطعمة والأشربة حيث يحتمل أنه يظن أن الأدوية ونحوها لها تأثير بطبعها فيعتقد الطبيعية فيخرج عن الملة الحنيفية انتهى هذا حيث أمكن الجمع بين المختلفين فإن تعذر فلا يخلوا إما أن يعرف التاريخ أو لا إن عرفت فهو الذي أفاده قولنا فلتسل عن الأخير إلى آخره وهي مسألة الناسخ كما قلنا:
(٤٢) عن الأخير منهما إن ثبتا ... كان هو الناسخ والثاني أتى