للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالت المعتزلة: إن النبوة لا تثبت إلا بالمعجزات، مثل: عصا موسى، ويده، وغيرهما من الآيات، ومثل: انشقاق القمر لمحمد .

وهذا باطل؛ فإن من الأنبياء من لم يذكر الله لهم آيات، لكن قال النبي : «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثلُه آمن عليه البشر» (١)، فالنبوة تثبت بغير المعجزات، بأدلة من حال المُدِّعي للنبوة، ومن حال ما جاء به، وما يدعو إليه.

ففي الصحيحين أن خديجة لما جاءها النبي يرجف ويقول: «إني خشيت على نفسي» قالت له: «كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق» (٢).

فاستدلَّت على صدقه، وحفظ الله له، ووقايته من شر الشيطان بما هو عليه من الفضائل العظيمة.

وكذلك مما احتُجَّ به على النبوة في القرآن أنه عاش بين أهله ولم يُجرَّب عليه كذب، قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦)[يونس].


(١) رواه البخاري (٤٩٨١)، ومسلم (١٥٢) من حديث أبي هريرة .
(٢) رواه البخاري (٤٩٥٣)، ومسلم (١٦٠) من حديث عائشة .

<<  <   >  >>