للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهِ﴾ [الفتح: ١٥]، فالقرآن كله «كلام الله، حروفه ومعانيه، ليس كلامُ الله الحروفَ دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف» (١)، ﴿الم (١)[البقرة] كلام الله، ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢]، كلام الله، تكلم به تعالى بما فيه من أوامر، ونواهٍ، وأخبار.

وقوله: «منه بدا» أي: ظهر. أو بدأ: ابتدأ ظهوره ونزوله من الله، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)[الزمر]، ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢)[فصلت]، ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ﴾ [النحل: ١٠٢]، ف «مِنْ» في هذه الآيات لابتداء الغاية، فنزول القرآن مبتدأ من الله نزل به الروح الأمين جبريل .

وقوله: «بلا كيفية»، يعني: بلا كيفية معقولة لنا، لا بد من هذا التقييد، فلا نقول: إن الله تكلم على هيئة كذا وكذا، أو بصفة كذا وكذا.

وقوله: «قولًا»، مصدرٌ مؤكِد لقوله: «منه بدا بلا كيفية»، أي: بدا من الله كلامًا مسموعًا، سمعه جبريلُ، وبلغه محمدًا ، وأهل السنة يقولون: «إن القرآن كلام الله منزلٌ غير مخلوق، منه بدا، وإليه يعود» (١)، ومعنى إليه يعود، ما ورد في الآثار أن القرآن يُسرى عليه في آخر الزمان، ويرفع من الصدور والمصاحف، فلا يبقى له وجودٌ في الأرض (٢)، وهذا


(١) الواسطية ص ١٦١.
(٢) مصنف عبد الرزاق ٣/ ٣٦٢، ومصنف ابن أبي شيبة ١٥/ ٥٢٨، وسنن الدارمي ٢/ ٨٩٥، و انظر: الدر المنثور ٥/ ٣٣٤ - ٣٣٦. وذكر شيخ الإسلام في «مناظرة الواسطية» ص ١٧٤: أن الحافظ أبا الفضل بن ناصر، والحافظ أبا عبد الله المقدسي جَمَعَا ما في ذلك من الآثار عن النبي ، والصحابة، والتابعين.

<<  <   >  >>