للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحقيقة لا المجاز. والمعطلة من الجهميَّة، والمعتزلة يقولون: إنه كلام الله، لكنه مخلوق، فإضافته إلى الله إضافة مخلوقٍ إلى خالقه، فليس هو كلام الله على الحقيقة؛ لأنهم يعتقدون أن الله لا يتكلم!

إذًا؛ فالقرآن عندهم ليس كلامًا تكلم الله به، ولا يخصون القرآن بهذا؛ فكل كلام الله عندهم مخلوق، حتى الخطاب الذي نودي به موسى في الوادي المقدس زعموا أن الله خلق كلامًا في الشجرة سمعه موسى!

وردَّ عليهم أهل السنة بأن هذا يقتضي أن الشجرة هي التي قالت: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾ [طه: ١٤]؛ لأن الله إذا خلق كلامًا في بعض مخلوقاته؛ فالكلام لا يوصف به إلا من قام به الكلام.

وهذه المسألة هي التي نشأت عنها فتنة القول بخلق القرآن، حتى حُمل الناس على هذه البدعة بالقوة، وامتُحِن العلماءُ، وعلى رأسهم إمامُ أهل السنة الإمامُ أحمد (١).

والقول بخلق القرآن قول مبتدع باطل مبني على باطل، فهو مبني على أن الله لا يقوم به كلام، وهذا قولُ الجهميةِ والمعتزلةِ.

وأما الأشاعرةُ فمذهبهم في القرآن ملفق، فيثبتون الكلام لله، ويقولون: إنه تعالى متكلم، والكلام يقوم به (٢).


(١) انظر: ذكر محنة الإمام أحمد لحنبل بن إسحاق، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص ٤٣٢، وسير أعلام النبلاء ١١/ ٢٣٢.
(٢) انظر مذاهب الناس في كلام الله، وتقرير مذهب أهل السنة في: منهاج السنة ٢/ ٣٥٨، ومجموع الفتاوى ١٢/ ١٦٢، والكافية الشافية ص ٤٧، ومختصر الصواعق ٤/ ١٣٠٢.

<<  <   >  >>