للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالكلام المكتوب في المصاحف هو كلام الله، وما في صدورِ حَفَظَةِ القرآن هو كلام الله، وما يتلوه التالون هو كلام الله، لكن الصوت صوت القارئ، والكلام المتلو كلام البارئ، وكل عاقل يفرق بين الكلام الذي يبتدئُه المتحدث، وبين كلام غيره حين يقرؤه، فالكلام إنما يضاف حقيقةً إلى من قاله مبتدئًا، لا إلى من قاله مبلغًا مؤديًا.

فإذا سمعت إنسانًا يقرأ حديث «إنما الأعمال بالنيات» (١) تقول: هذا قول الرسول ، ولا تقول هذا كلام الذي قرأ الحديث؛ لأن القارئ يقرأ كلام النبي .

وإذا سمعته ينشد قصيدة للشاعر امرئ القيس فإنك لا تقول: هذا كلام فلان الذي ينشد القصيدة بل تقول: هذا كلام امرئ القيس (٢).

فالقرآن هو: «كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق»، كما تقول: الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، «ككلام البرية»، فالبشر وكلامهم، وأفعالهم، وصفاتهم، مخلوقة.

وقوله: «فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه، وأوعده بسقر حيث قال تعالى: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦)[المدثر]».

فمن سمع القرآن فزعم أنه كلام البشر، أنشأه محمد؛ فهو كافر، مكذِّب للرسول ، مفترٍ على الله تعالى، وعلى رسوله .


(١) رواه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر .
(٢) درء تعارض العقل والنقل ١/ ٢٥٩، ومناظرة الواسطية ٣/ ١٧٦.

<<  <   >  >>