ويشير المؤلف إلى الآيات من سورة المدثر النازلة في الوليد بن المغيرة، فإنه جاء إلى النبي ﷺ فسمع القرآن فَرَقَّ له، فجاء إلى قريش فأثنى على القرآن، فعابوه، فلما عيَّروه بذلك أراد أن يحتفظ بمكانته - نسأل الله العافية -؛ فقال ما أخبر الله به عنه: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)﴾ [المدثر](١).
وقوله: «فلمَّا أوعد الله بسقر لمن قال: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)﴾ [المدثر] علمنا وأيقنَّا أنه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر».
لمَّا علمنا أن الله ذمَّ وتوعَّد من قال: إنه قول البشر؛ علمنا أنه قول رب العالمين، لا قول البشر، ولا يشبه قول البشر، ولهذا كان القرآن معجزًا تحدى الله الثقلين أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور، أو بسورةٍ من مثله، قال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا
(١) رواه الطبري في تفسيره ٢٣/ ٤٢٩، والحاكم ٢/ ٥٠٦ - وصححه من حديث ابن عباس - وعنه البيهقي في دلائل النبوة ٢/ ١٩٨، وقال: هكذا حدثناه موصولًا، وفي حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة قال: جاء الوليد بن المغيرة … وهذا فيما رواه يوسف بن يعقوب القاضي، عن سليمان بن حرب، عن حماد، هكذا مرسلًا. وكذلك رواه معمر عن عباد بن منصور، عن عكرمة مرسلًا. ورواه أيضًا: معتمر بن سليمان، عن أبيه، فذكره أتم من ذلك مرسلًا. وكل ذلك يؤكد بعضه بعضًا.