للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الأعمال من طلب أو دفع للمقدرات تجري فيها الأحكام التكليفية: الواجب والمحرم والمكروه والمستحب والمباح.

فلا بد من التسليم لحكم الله؛ بالرضا بحكمه وتدبيره، وأنه حكيم عليم، وذلك بعدم الاعتراض عليه في قضائه الكوني وقضائه الشرعي.

وجهلة الصوفية وغلاتهم يرون أن من التسليم للقدر الاستسلام لكل ما يجري على الإنسان، بحيث لا يطلب خلاف ما يجري عليه، ولا يدفع شيئًا من المكروه، حتى يقول قائلهم: إن العارف لا حظَّ له! أو إنه يصير كالميت بين يدي الغاسل!

قال الإمام ابن تيمية: «فهذا إنما يمدح منه سقوط إرادته التي لم يؤمر بها، وعدم حظه الذي لم يؤمر بطلبه، وأنه كالميت في طلب ما لم يؤمر بطلبه، وترك دفع ما لم يؤمر بدفعه» (١). وهذا كلام باطل، ولا يمكن تحقيقه في الواقع أبدًا.

فقوله: «ما سلِم في دينه إلا من سلَّم لله ﷿ ولرسوله »، يظهر من السياق أنه يريد التسليم لشرع الله في المسائل العلمية الاعتقادية، وفي المسائل العملية.

فإن الدين يتضمن قسمين: اعتقادات، وأعمال. قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ [التوبة: ٣٣]، فالهدى هو: العلم النافع، ودين الحق: العمل الصالح، قال تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا﴾ [الأنعام: ١١٤]، ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعام: ٥٧]، ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ


(١) التدمرية ص ٥٨٨.

<<  <   >  >>