أَحَدًا ٢٦﴾ [الكهف]، قال تعالى في تحكيم الرسول: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ [النساء]. فلا بد من التسليم لحكم رسول الله ﷺ، وقبوله بانشراح صدر، وطِيب نفس، فإنه لا يتحقق الإيمان كاملًا إلا بهذه الشروط مع الإيمان به، وأن ما جاء به حق من عند الله، وأن ما حكم به في كل مسائل الدين هو الحق والعدل والصواب، فإنه ﷺ إنما يحكم بشرع الله وحكمه، ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠]، ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر: ٧].
وقد خرج عن هذا السبيلِ المبتدعةُ على اختلاف بدعهم، فلم يقنعوا بما جاء به الرسول ﷺ، فالمعطلة يرون أن كل ما في القرآن والسنة من صفات الرب ﷾؛ ليس المراد منها ظاهرها، وأهل التفويض يرون أنها لا معنى لها، وهذا خروج عن تحكيم الرسول ﷺ، وعن الرضا بحكمه، والتسليم له، فعندهم أن الحق في معرفة الله، وفيما يجوز عليه وما لا يجوز عليه؛ هو ما عرفوه بعقولهم، ومضمون هذا الكلام أن الرسول ﷺ لم يبين للناس ما يجب أن يعتقدوه في ربهم، فترك هذا العلم العظيم الذي هو أهم العلوم وأجل المطالب بلا بيان.
وقد فنَّد شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة «العقيدة الحموية»(١) هذا التصور الساقط الباطل، وذكر وجوهًا من دلالات العقل على بطلان هذا القول، فكيف يبين الرسول ﷺ كل صغير وكبير للناس حتى آداب قضاء