اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا﴾ [الكهف: ٢٦]، ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: ٣٦]، فالواجب على المكلف فيما لم يعلم أن يفوض علم ذلك إلى الله.
وقوله:«وردَّ عِلم ما اشتبه عليه إلى عالِمِه»، فهناك أمور استأثر الله بعلمها، كحقائق ما أخبر الله سبحانه عن نفسه من أسمائه وصفاته، وحقائق اليوم الآخر، فهذا كله مما يخفى على العباد ولا يمكنهم معرفته؛ فالواجب في هذا هو التفويض، ورد علم ذلك إلى الله.
أما معاني النصوص؛ فالأصل أنها يمكن فهمها كلها، فما أخبر الله به عن نفسه، وما أخبر به عن اليوم الآخر هذه لا بد أن تكون معلومة لنا من جهة معانيها، لكن قد يخفى بعضها على بعض الناس في بعض الأحوال، فهنا قبل أن يعرف المراد، يرد ما اشتبه عليه؛ فيقول: الله أعلم به، ثم هذا لا يمنع التدبر والبحث لمعرفة المراد، ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في القاعدة الخامسة من «العقيدة التدمرية»(١): «إنا نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه».
وقوله:«وردَّ عِلم ما اشتبه عليه إلى عالِمِه»، هذا أدب رفيع، وهو مقتضى علم العبد بربه وعلمه بنفسه، فلا يتجاوز حده فيدعي علم ما لا علم له به، ولا يتكلف في البحث عما لا سبيل إلى معرفته، فما علمه قال به واعتقده وآمن به، وما خفي عليه رد علمه إلى عالمه.