للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله : «ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام».

هذا تعبير فيه شيء من التشبيه والاستعارة على طريقة أهل البيان، فقوله: «لا يثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم»، فيصور المؤلفُ الإسلامَ كأن له قدمًا يقوم عليها، والتسليمَ بأنه مركب ثابت إذا اعتمد الإنسان عليه استقر وأمن من السقوط والاضطراب.

فلا يستقر إسلام العبد، ولا تحصل له الطمأنينة إلا إذا ثبتت تلك القدم على ظهر التسليم.

والاستسلام، والتسليم معناهما متقارب، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ [لقمان: ٢٢].

الإسلام: الاستسلام والانقياد، وهذا يقتضي عدم المنازعة؛ لأن من ينازع لم يَسلَم، وهذا الكلام يؤكد قولَه السابق: «فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله ﷿ ولرسوله ».

والتسليم أصل مهم، فإذا أصَّلت أصل الدين: الإيمان بالله ورسوله وكتابه، والإيمان بالله يتضمن أنه تعالى هو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، وأنه تعالى رب كل شيء ومليكه، وأنه موصوف بالكمال منزه عن النقص، فلا ظلم ولا عبث في خلقه وشرعه وقدره؛ بل هو تعالى حكيم في ذلك كله، إذا حققت هذا؛ فكل ما يرد عليك عن الله تعالى وعن رسوله فلا بد أن يقوم على التسليم؛ لأن المعارضة والمنازعة ما تجيء إلا من ضعف الإيمان بعدل الرب، ومن ضعف الإيمان بحكمة الرب.

<<  <   >  >>