للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإقرار، فهذا تنويع في التعبير، وإن كانت الألفاظ مختلفة المعاني لكنها متلازمة.

وقوله: «موسوسًا تائهًا».

فيبقى متذبذبًا بين هذه الأضداد «موسوسًا تائهًا»، فالوساوس التي يلقيها الوسواس الخناس تجعله في حيرة، فما يخطر بالبال من شبهات وأفكار تعارض الحق كلها من إلقاء الشيطان، فهو مسلط على الإنسان، والإنسان مبتلى بالشيطان، وهو عدو خفي، والله أقدره على أن يوسوس للإنسان.

والقلب بين حالتين: بين لَمَّةِ (١) الملك، ولَمَّةِ الشيطان؛ فلمة الملك لقلب المؤمن المسلم، أما الكافر فقد أحاط الشيطان به، وليس للملك فيه لمة، «فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق» (٢)، فالشيطان يوسوس، فيبقى هذا المتكلِّف الذي لم يوفق للتسليم متذبذبًا موسوسًا، فقلبه مع هذه الوساوس فتجعله في تردد، كما قال سبحانه في المنافقين: ﴿فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)[التوبة]، فهو يتقلب، فتارة يكون مؤمنًا، وتارة كافرًا، وتارة حائرًا.


(١) اللَّمَّةُ: الهَمَّةُ والخًطْرَة تقع في القلب … ، فما كان من خطرات الخير فهو من الملك، وما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان. النهاية في غريب الحديث ٤/ ٢٧٣.
(٢) رواه الترمذي (٢٩٨٨)، والبزار (٢٠٢٧)، والنسائي في الكبرى (١١٠٥١)، وابن حبان (٩٩٧) من حديث ابن مسعود ، ورجح الأئمة وقفه، انظر: علل الترمذي الكبير (٦٥٤)، والعلل لابن أبي حاتم (٢٢٢٤)، ومصادر التخريج.

<<  <   >  >>