للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «شاكًّا زائغًا»، أي: مترددًا تائهًا، زائغًا منحرفًا، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥]، ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٢٧)[التوبة]. فهذه آثار عدم التسليم، وعكس ذلك من كان مُسَلِّمًا لله ﷿، ولرسوله ، قد قام دينه على التسليم، فأصبح ثابت القلب ليس عنده تردد ولا تذبذب، ولا حيرة ولا قلق، بل يسير على صراط واضح مستقيم، يمشي بنور من الله، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ [الحديد: ٢٨]، فالمؤمن الصحيح التوحيد يمشي في هذه الحياة بنور الحق، فيعرف مواقع أقدامه، والطريق الذي يسير عليه، ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، لكن هذا المتذبذب لا يدري أين طريق النجاة، فهو متذبذب متردد بين التصديق والتكذيب، والإقرار والإنكار، فهو في حيرة دائمة؛ لأن الشك والحيرة عذاب، أما المؤمن فقلبه في نعيم، وكلامنا هذا في من ينتمي للإسلام، أما الكافر فهو غارق في بحر الضلال والكفر، فليس عنده تفكير، وتردد بين حق وباطل، وإقرار وإنكار، وإيمان وكفر؛ بل عنده كفر خالص وإنكار دائم تام؛ لكن هذا الذي ينتمي للدين، ويدَّعي الإيمان، ولكنه لم يكن مستقيمًا مُسَلِّمًا مستسلمًا، فهذا الذي يحصل له ما يحصل من الاضطراب والقلق، فإما أن يعصمه الله ويُثبِّته ويُوفِّقه؛ فيثبت على الإيمان وينجو من هذه الوساوس والشكوك، وإما أن يقوى في قلبه سلطان الباطل؛ فيصير إلى الكفر دائمًا ولا يكون عنده تردد.

<<  <   >  >>