والحقُّ أنه قد أُسري بالنبي ﷺ بروحه وبدنه، وعُرج به إلى حيث شاء الله من العلا يقظة لا منامًا، ولهذا نص المؤلف على ذلك بقوله:«وقد أسري بالنبي ﷺ، وعُرج بشخصه في اليقظة»، وهذا هو الذي يدل عليه ظاهر الأدلة، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١] والعبد اسم للروح والبدن.
وتصدير هذه الآية بالتسبيح دال على عظم الأمر، والإسراء كان بروحه وبدنه يقظة لا منامًا؛ فإن الذهاب والانتقال في النوم أمر ليس بمستغرب ولا مستنكر، فهو يحدث لسائر الناس.
ومما يؤكد هذه الحقيقة ما جاء في الحديث الصحيح أن الرسول ﷺ لما أخبر قريشًا استعظموا ذلك وكذبوه، وسألوه عن أشياء من بيت المقدس، قال النبي ﷺ:«فكُرِبت كربةً ما كُرِبت مثلَه قطُّ، فرفعه الله لي أَنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلَّا أنبأتهم به»(١)، فهذا كله يؤكد أن الإسراء كان بروحه وبدنه يقظة لا منامًا.
وكذلك العروج به إلى ما شاء الله من العلا كان بشخصه ﷺ يقظة لا منامًا، فهذا هو الأمر الخارق العظيم أن يقطع هذه المسافات ويعود في ليلة.
وفي حديث الإسراء والمعراج أمور كثيرة، منها أن جبريل ﵇ صعد به واستفتح له السماء، ثم فُتح له، فلقي الأنبياء: آدم وعيسى ويحيى ويوسف وإدريس وهارون وموسى وإبراهيم عليهم الصلاة والسلام،