للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين رؤيا المنام كبير فرق، وما معنى أن يأتيه جبريل بالبراق، ويحمله عليه ويسير به، ويصلي بالأنبياء؟

فهذا القول فيه نظر، وهو خلاف ظاهر الأدلة.

ومن اختار هذه الأقوال من العلماء أراد أن يوفق بين الروايات فيقول: إن الإسراء كان مرة يقظة ومرة منامًا، ومرة في مكة ومرة في المدينة!

وهذا وهَّنه العلامة ابن القيم، وقال: «هذه طريقة ضعفاء الظاهرية من أرباب النقل الذين إذا رأوا في القصة لفظة تخالف سياق بعض الروايات جعلوه مرة أخرى، فكلما اختلفت عليهم الروايات عددوا الوقائع! والصواب الذي عليه أئمة النقل: أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة، ويا عجبًا لهؤلاء الذين زعموا أنه مرارًا، كيف ساغ لهم أن يظنوا أنه في كل مرة تفرض عليه الصلاة خمسين ثم يتردد بين ربه وبين موسى حتى تصير خمسًا، ثم يقول: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، ثم يعيدها في المرة الثانية إلى خمسين ثم يحطها عشرًا عشرًا» (١).

فالصواب: أن الإسراء والمعراج حدث مرة واحدة والنبي في مكة قبل الهجرة، وفُرضت عليه الصلوات الخمس، وقد اتفق أهل العلم: أن


(١) زاد المعاد ٣/ ٤٢.

<<  <   >  >>