بعض التفصيلات في إطار مراتب القدر المتقدمة، فقال:«وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة وعدد من يدخل النار جملة واحدة، فلا يُزاد في ذلك العدد ولا يُنقَص منه»؛ لأنه إذا زاد أو نقص لزم منه تغير علم الله، وأن الله لم يعلم ما سيكون، لا، بل قد فُرغ من الأمر، كما في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال:«ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار» الحديث (١).
وهذا المعنى الذي ذكره مستمد من النصوص، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥)﴾ [الأنفال]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨)﴾ [التوبة]، فوَصْفه تعالى بالعلم التام يقتضي أنه سبحانه يعلم ما سيكون تمامًا من كل الوجوه، يعلم من يدخل الجنة وعددهم ومنازلهم ومراتبهم بعِلم مفصل، وليس عِلمًا إجماليًّا.
وقوله:«فلا يُزاد في ذلك العدد ولا يُنقَص منه».
بل العِدَّة قد انقضت، فعدة البشر قد سبق علم الله وكتابه بها من آدم إلى آخر من يخلقه الله من هذا الجنس البشري.
وقوله:«وكذلك أفعالهم فيما عَلِم منهم أن يفعلوه».
وكذلك علم أفعالهم: طاعاتهم ومعاصيهم وما ليس بطاعة ولا معصية، قد أحصاه، ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (٢٨)﴾ [الجن].
وقوله:«وكلٌّ ميسر لما خلق له».
لما أخبر الرسول ﷺ بأنه «ما من نفس إلا وقد علم مكانها من الجنة ومكانها من النار»، قال رجل: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال:
(١) رواه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧) من حديث علي ﵁.