للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«اعملوا؛ فكلٌّ ميسر، أما أهل السعادة، فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة، فييسرون لعمل أهل الشقاوة» (١)، وسئل النبي : أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: «لا؛ بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله ﷿: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)[الشمس] (٢)»، ومعنى ذلك أن الله تعالى يُجري الأمور على وفق ما سبق به علمه وكتابه، فيُيسر للعبد طريقه ويجعله مهيئًا سالكًا وهو يسلكه باختياره ومشيئتِه، ولكنْ مشيئتُه واختياره محكومان بمشيئة الرب، كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)[التكوير]، فإذا أطاع العبد ربه فبتوفيقٍ وتيسيرٍ منه تعالى لعبده، وإذا فعل العبد المعصية فبعدم ذلك التوفيق، وعدمُ هذا التوفيق هو تيسيرٌ لذلك العمل.

وهناك سؤال يجري على ألسن بعض الناس يقولون: الإنسان مسير أم مخير؟

وهذا من الألفاظ التي لم ترد في النصوص فلا بد فيها من التفصيل، فمن أراد أنه «مخير» بمعنى أنه له مشيئة واختيار؛ فنعم، وإن أراد أنه مخير أنه يتصرف بمحض مشيئته خارجًا عن مشيئة الله وقدرته فهذا باطل، فلا خروج لأحد عن قدرة الله ومشيئته، وكذلك «مسير»؛ فإن


(١) تقدم في ص ١٩٣.
(٢) رواه مسلم (٢٦٥٠) من حديث عمران بن حصين .

<<  <   >  >>