خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينْتَهِ» (١) فالشيطان يلقي في القلوب أخبث الوساوس؛ لكن المؤمن الموفق يدفعها باعتصامه بربه وبلجوئه إلى مولاه، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان، فإن الله هو الذي خلق الشيطان وهو قادر على أن يصرفه عنك.
وقوله:«فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه»، عن خليقته «ونهاهم عن مرامه»: هذا تأكيد لما سبق من قوله: «وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يَطَّلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل»، فالمؤلف ﵀ أراد أن يؤكد هذا الأمر العظيم بهذه المؤكدات:«فإن الله طوى علم القدر عن أنامه»، طوى علمه: اختص به، ولم يطلعهم عليه، «ونهاهم عن مرامه»، أي: طلبه، فعلم أسرار القدر من العلم الذي لا يجوز أن يطلب.
لكن هل يجوز البحث في القدر؟
نعم، فنحن الآن نبحث ونتكلم في القدر، وهذا الذي نتكلم فيه ليس هو الذي نُهينا عنه، نحن الآن نتكلم في معرفة ما يجوز وما لا يجوز من الكلام في القدر، فالإيمان بالقدر أحد أصول الإيمان، والإيمان بالقدر لا يُعارض الإيمان بالشرع، بل لا بد من الجمع بينهما، كما أن الإيمان بالقدر لا يعارض إثبات الأسباب، فالأسباب والمسببات كلها جارية بقدر الله، فلا بد أن تنتبه لهذا.
إذًا؛ الشيء الذي لا يجوز البحث فيه هو البحث في أسرار القدر، لِمَ؟! لِمَ؟! فقد قال تعالى: ﴿لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ﴾، لا يُسأل تعالى عن ما