للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣٥﴾ [النور: ٣٥]، الشاهد: ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾، أي: مثل نور الله في قلب عبده المؤمن.

فالإيمان نور في القلب، والله تعالى سمَّى الوحي المنزل نورًا: ﴿فَئَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا﴾ [التغابن: ٨]، والإيمان والعلم في القلوب نور: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا﴾ [الأنعام: ١٢٢]، أي: في قلبه.

وهذه معان عظيمة تُنَبِّه إليها هذه النصوص؛ ولكن ما حظك من هذا الأمر العظيم؟ وفي دعاء النبي : «اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا، واجعل لي نورًا» (١)، المؤمن الكامل الإيمان في قلبه نور، وفي سمعه، وفي بصره، والنور محيط به؛ والنور المعنوي هو: نور العلم والإيمان، قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ﴾ [الأنعام: ١٢٢]، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، يخرجهم من ظلمات الكفر والغفلة والمعصية والجهل، إلى نور الإيمان والعلم والبصيرة.

والقلوب لها أحوال كما جاء في الحديث عن النبي : «تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأي قلب أُشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض،


(١) رواه البخاري (٦٣١٦)، ومسلم (٧٦٣) من حديث ابن عباس .

<<  <   >  >>