وقوله: «كما قال تعالى في كتابه: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)﴾ [الفرقان]، وقال تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨)﴾ [الأحزاب]».
هذان دليلان من الأدلة الدالة على الإيمان بالقدر، وأنه تعالى خلق كل شيء على وفق ما سبق به قدره.
وقوله:«فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيمًا، وأحضر للنظر فيه قلبًا سقيمًا، لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سِرًّا كتيمًا، وعاد بما قال فيه أفاكًا أثيمًا».
بعدما ذكر أن هذا هو ما عليه الراسخون في العلم أولياء الله الذين نوَّر الله قلوبهم، وذكر أن هذا كله من عقد الإيمان وأصول المعرفة والتوحيد، أشار إلى من خالف ذلك ولم يعترف به، أو آمن بالقدر إيمانًا ليس على الوجه المشروع، فقال:«فويل لمن صار»، ويل: كلمة للوعيد والتهديد، قال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١)﴾ [المطففين]، ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)﴾ [الهمزة]، ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١)﴾ [الطور]، وهذا الوعيد يشمل كل الطوائف: الجبرية المشركية، والمجوسية نفاة القدر، والإبليسية، كلهم يصدق عليهم هذا؛ ولكن دخول الجبرية والإبليسية أظهر؛ لأن الجبرية يحتجون بالقدر في معارضة الشرع، كما قال المشركون: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾ [الأنعام: ١٤٨]، فهم يعارضون شرعه بقدره، ويحتجون على الشرع بالقدر.