للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإبليسية الأمر فيهم أظهر، وخصومتهم لله تعالى وطعنهم في حكمته أشهر، كما قال الله عن سلفهم إبليس لما أمره الله بالسجود لآدم فأبى وقال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)[الأعراف].

وقوله: «وأحضر للنظر فيه قلبًا سقيمًا»، فنظر في القدر بقلب سقيم عليل مريض، لم ينظر بقلب حي سليم.

والقلوب (١) ثلاثة على سبيل الإجمال: القلب السليم: وهو الذي سلم من أمراض الشبهات والشهوات، وقلب ميت، وقلب مريض.

فالذي ينظر في القدر وهو عليل القلب لا يستقيم فهمه، وتضطرب الحقائق في نظره.

وقوله: «لقد التمس»، هذا الذي نظر في القدر بقلب سقيم يطلب ما لا سبيل إلى معرفته؛ لأنه طلب ما استأثر الله بعلمه كما تقدم أن: «القدر سر الله تعالى في خلقه … والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان … فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه» (٢)، وهذا الكلام يؤكد ما سبق.

فالذي نظر في القدر على غير هدىً، وعلى غير بصيرة لم يعتصم بالوحي، فالمعتصم في كل المضائق هو دين الله أرسل به الرسل، وأنزل به الكتب؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، من اتبع الرسل اهتدى، ومن أعرض عما جاؤوا به ضل وتخبط في الظلمات.


(١) ص ٢٠٧.
(٢) ص ١٩٩، ٢٠١.

<<  <   >  >>