للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: وهو الصحيح عن ابن عباس (١)، والمشهور من مذهب أهل السنة أن الكرسي مخلوق عظيم، وهو موضع قدمي الرب (٢). وهذا أرجح الأقوال في تفسير الكرسي.

وبهذا يتبين أن العرش أعظم من الكرسي بكثير، كما يظهر ذلك من ورود النصوص بذكر العرش وتنوعها، والله هو العلي العظيم، هو العلي بكل معاني العلو، فله العلو ذاتًا وقدرًا وقهرًا، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، فالمخلوقات كلها صغيرة في جنب عظمته، قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)[الزمر].

وقوله: «وهو مستغنٍ عن العرش وما دونه».

خلق الله السماوات والأرض ثم استوى على العرشِ، واستواؤه تعالى على العرش لا يلزم منه حاجته إلى العرش؛ بل هو تعالى مستوٍ على العرش مع غناه عن العرش وما دون العرش، هو تعالى الممسك للعرش والسماوات والأرض، ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾


(١) السنة لعبد الله بن أحمد ١/ ٣٠١، وصححه ابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٠٧، والحاكم ٢/ ٢٨٢، والضياء في «المختارة» ١٠/ ٣١١، وقال العلامة الأزهري في «تهذيب اللغة» ١٠/ ٣٣: الصحيح عن ابن عباس في الكرسي: ما رواه الثوري وغيره عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: «الكرسي موضع القدمين، وأما العرش فلا يُقدر قدره». وهذه الرواية اتفق أهل العلم على صحتها، والذي عن ابن عباس في الكرسي أنه العلم فليس مما يثبته أهل المعرفة بالأخبار. وانظر: فتح الباري ٨/ ١٩٩.
(٢) انظر: أصول السنة ص ٩٦، والفتوى الحموية ص ٣٥١.

<<  <   >  >>