للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خليل الله أيضًا، فإبراهيم ومحمد هما خليلان لله تعالى، وأما ما ورد في الحديث أن النبي قال: «إن إبراهيم خليل الله … وأنا حبيب الله ولا فخر» فهو حديث ضعيف (١)، وقد تعلق به بعض الجهلة وأهل الغلو، فيسمون الرسول : حبيب الله (٢)، وكأن المحبة عندهم أعلى من الخُلَّة، وهذا خلاف اللغة، وخلاف دلالات النصوص، فالمحبة ثابتة للأنبياء والمؤمنين والملائكة، كل على منزلته من محبة الله ، ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١]، ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤)[التوبة]، ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)[البقرة]، فالمحبة مشتركة بين سائر المؤمنين، كل له حظه من محبة الله بحسب إيمانه وتقواه، فوصف الرسول بأنه: حبيب الله فقط ليس فيه خصوصية ولا تميُّز، فكل مؤمن هو حبيب الله؛ أي: محبوب لله.

وتقدم ذكر الأدلة على إثبات صفة المحبة، وصفة الكلام لله تعالى (٣).

والمعطلة من الجهمية والمعتزلة (٤) ومن تبعهم ينفون هذه الصفات، فالجهمية يقولون: إنه لا يُحِب ولا يُحَب؛ لأن المحبة ميل الشيء إلى ما يناسبه، ولا تناسب بين الخالق والمخلوق، وهذا - إن صح أن يكون تفسيرًا للمحبة - يختص بمحبة المخلوق، فالمحبة معنىً معقولٌ هو ضد البغض، والله تعالى أخبر بأنه يحب أولياءه ويحب المؤمنين


(١) تقدم في ص ١١٣.
(٢) انظر: ص ١١٣.
(٣) ص ١١٢، و ١٢٩.
(٤) مجموع الفتاوى ١٠/ ٦٦.

<<  <   >  >>