ونفاة المحبة منهم من يفسر المحبة من الله بإرادة الإنعام، أو يفسرها بنفس النعم المخلوقة، ويفسر البغض بإرادة الانتقام، أو بنفس العقوبة، المهم عندهم نفي حقيقة المحبة عن الله، وينفون محبة المخلوق للخالق سبحانه، ويقولون: إن المحبة هي محبة ثوابه، أو محبة طاعته، والمحبة عندهم لا تتعلق إلا بالمخلوق.
ومن المبتدعة من أثبت المحبة من جهة المخلوق، كالصوفية؛ فإنهم يبالغون في إثبات محبة المخلوق للخالق حتى يعبرون عن محبتهم لله بالعشق، وكذلك الفلاسفة يطلقون العشق على الله تعالى (١).
والحق: ما دل عليه كتاب الله، ودلت عليه الفِطَر والعقول بأنه ﷾ يُحِب ويُحَب؛ يحب ملائكته وأنبياءه والصالحين من عباده، كما أخبر تعالى بذلك عن نفسه، ويحبه أولياؤه كما في الآية التي جمعت بين الأمرين: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: ٥٤]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١].
وكل صفة تثبت لله تعالى فليست مثل صفة المخلوق، فليس حبه تعالى كحبنا، وليس كلامه وتكليمه ككلامنا، والقول في بعض الصفات
(١) مجموع الفتاوى ١٠/ ١٣١، والرد على المنطقيين ص ٢٥٨ و ٣٥٩، ودرء تعارض العقل والنقل ١/ ١٠٠ و ٢٣١ والرسالة الصفدية ص ١٢٥ و ٢٩٧.