والوحدة تنافي الشريك، وقد أكدها بقوله:«لا شريك له»، فهو متفرد عن الشركاء، فهو الربُّ ولا ربَّ غيره، فهو ربُّ كلِّ شيء، فهو واحد في ربوبيته في أفعاله، فلا خالق ولا رازق ولا مدبر لهذا الوجود سواه، وهو واحد في إلهيته، فلا إله غيره، ولا شريك له، ولا معبود بحق سواه، وهو واحد في أسمائه وصفاته، فلا شبيه له في شيء من صفاته وأفعاله.
إذًا؛ هذه الجملة:«إن الله واحد لا شريك له» ضمَّنها المؤلف أصل الدين، وهو التوحيد، فالتوحيد بكل معانيه هو أصل دين الرسل من أولهم إلى آخرهم، خصوصًا توحيد العبادة.
وقد أخبر ﷾ عن الرسل إجمالًا وتفصيلًا بذلك، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)﴾ [الأنبياء]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]، وأخبر عن أنبيائه: نوح وهود وصالح وشعيب أنهم قالوا لأقوامهم: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [المؤمنون: ٢٣، والأعراف: ٦٥ و ٧٣ و ٨٥].
فالتوحيد هو أصل دين الرسل، وهو أول واجب على المُكلَّفين مع شهادة أن محمدًا رسول الله، كما قال ﷺ:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله»(١)، لأن الشهادتين متلازمتان لا تصح إحداهما إلا بالأخرى، فلا بد منهما جميعًا، ولهذا
(١) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢) من حديث ابن عمر ﵄.