للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَّفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩]، فالمعنى: بسبب نفسك، والحسنة والسيئة تطلق في القرآن إطلاقين:

١ - حسناتُ وسيئات الجزاء، وهي: النعم والمصائب، ومنه قوله تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ﴾ [الأعراف: ١٦٨].

٢ - حسناتُ وسيئات الأعمال، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ١١٤].

وأما الحسنة والسيئة في الآيتين:

ففي الآية الأولى: النعمة والمصيبة.

وفي الثانية كذلك على الصحيح، وفسرت الحسنة بالنصر والخصب، والسيئة بالهزيمة أو بالمصيبة وبالجدب وما أشبه ذلك، فتكون الآية: ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَّفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩] من جنس ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٦٥]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠].

وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية (١) وابن القيم (٢) هذا المعنى تقريرًا حسنًا، ونقل بعضه الشارح ابن أبي العز في شرحه (٣) فجزاهم الله خيرًا.


(١) منهاج السنة ٥/ ٤١٠، ومجموع الفتاوى ١٤/ ٢٦٦.
(٢) بدائع الفوائد ٢/ ٧١٠، وشفاء العليل ص ١٥٩.
(٣) ص ٥١٥.

<<  <   >  >>