فرغ من دفن الميت، وقف عليه وقال:«استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل»(١).
ويظهر لي أنه ليس لنا أن نقول:«فإنه الآن يسأل»، وإنما نقول: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فقط، أما أن نحكم على الميت بأنه الآن يسأل، فهذا لا علم لنا به على الخصوص.
ومن أدلة عذاب القبر في القرآن قوله تعالى في آل فرعون: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)﴾ [غافر]، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾ [الأنعام: ٩٣]، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)﴾ [السجدة]، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (١٠١)﴾ [التوبة]، وهو عذاب النار.
ومن أدلة عذاب القبر ونعيمه ما ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار،
(١) رواه أبو داود (٣٢٢١)، والبزار (٤٤٥) - وقال: لا يروى عن النبي ﷺ إلا من حديث عثمان، ولا نعلم لهذا إسنادًا عن عثمان إلا هذا الإسناد -، والحاكم ١/ ٣٧٠ - وصححه - من حديث عثمان بن عفان ﵁، وقال النووي في «الخلاصة» ٢/ ١٠٢٨: إسناده حسن، وحسنه ابن حجر كما في «الفتوحات الربانية» ٤/ ١٩٣.