للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني، والذي يظهر أنه هكذا وقع له في هذه المسألة، فلما ذكر حجج القولين يظن الظان إذا قرأ استدلالاته للقول الآخر يظن أنه قائل به (١).

وأكثر ما نقوله هنا: إن القول بفناء النار قول مرجوح، ولكن لا يقال: إنه بدعة، ولا يُبدَّع من قال به، ومن الناس من بدَّع من قال به، ومنهم من رمى ابن تيمية بالقول به، وجزم بأنه قال بفناء النار، وقالوا: إنه له اعتقادات فاسدة، وهذا يقوله المتجنون على شيخ الإسلام ابن تيمية من خصومه الذين خالفهم في كثير من مسائل الاعتقاد، وقد ذكر ابن القيم أنه سأل شيخ الإسلام عن مسألة فناء النار، فقال: هذه المسألة عظيمة كبيرة، ثم ذكر فيها القولين (٢)، ولم يذكر عن شيخه أنه ذهب إلى القول بفناء النار، خلافًا لمن ينسب إليه ذلك (٣).

وقد أفاض شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير القول بدوام الجنة والنار، والجواب عما استُدِلَّ به للقول بفناء النار، كقوله تعالى: ﴿إِلَّا


(١) وقال في آخر البحث في حادي الأرواح ٢/ ٧٩١: فإن قيل إلى أين انتهى قدمكم في هذه المسألة العظيمة الشأن؟ قيل: إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧)﴾ [هود]، ونحوه في شفاء العليل ص ٢٦٤، ومختصر الصواعق ٢/ ٦٦٣، وله كلمة مختصرة عابرة في «الوابل الصيب» ص ٤٢، صرح فيها ببقاء النار وعدم فنائها.
(٢) السؤال في «شفاء العليل» ص ٢٦٤، وجوابه: «فقال شيخ الإسلام: هذه المسألة عظيمة كبيرة، ولم يجب فيها بشيء، فمضى على ذلك زمن حتى رأيت في تفسير عبد بن حميد الكشي بعض تلك الآثار التي ذكرتُ، فأرسلت إليه الكتاب وهو في محبسه الأخير، وعلَّمت على ذلك الموضع، وقلت للرسول: قل له هذا الموضع يشكل عليه ولا يدري ما هو؟ فكتب فيها مصنفه المشهور رحمة الله عليه».
(٣) كالحصني والسبكي، انظر: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ص ٦٠٨.

<<  <   >  >>