للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا تظالَموا» (١)، فهو لا يظلم ولا يرضى الظلم من أحد من العباد، ولذا حرَّمه على عباده في شرائعه التي أنزلها على رسله.

وإذا عرض للإنسان شيء من الحوادث فعليه أن لا يُحَكَّم عقله الناقص، فكثير من الخلق لقصور علمهم وضعف إيمانهم يعترضون في نفوسهم، أو يتكلمون بألسنتهم على تدبيره تعالى، فتسمع بعضهم يقول - إذا ابتلى الله عبدًا ببلاء -: «فلان والله ما يستاهل»، وهي عبارة مشهورة عند العامة، وهي تعني: أن الله ابتلى هذا العبد، وهو ليس أهلًا لهذا، وهذا اعتراض على تدبير الرب؛ بل يجب الإيمان بحكمة الرب في تدبيره وكمال عدله ، هذا أصل يجب العناية به علمًا وتفكيرًا وتقريرًا، وهو الإيمان بكمال عدل الرب في خلقه وأمره وجزائه، فلا تُعارِض قدرَ الله بقولك: لِمَ جرى كذا؟ ولِمَ كان كذا؟ فأي خاطر يتضمن الاعتراض على تدبير الله فيجب على المؤمن أن يدفعه بإيمانه بأن الله تعالى حكيم، له الحكمة البالغة في كل تدبير وتقدير (٢).

وقوله: «تقدس عن كل سُوء وحَيْن، وتنزه عن كل عيب وشَيْن».

تقدس وتنزه، عبارتان بمعنى واحد، والشيخ الطحاوي كثيرًا ما ينوع ويتفنن في العبارات، وهذه المادة «تقدس» موجودة في القرآن كثيرًا فاسمه تعالى: ﴿الْقُدُّوسُ﴾ [الحشر: ٢٣]، وقالت الملائكة: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ [البقرة: ٣٠]، فالتسبيح والتقديس والتنزيه كلها تدل


(١) رواه مسلم (٢٥٧٧).
(٢) انظر: كلامًا نفيسًا في هذا المعنى لابن القيم في «زاد المعاد» ٣/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>