للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غائب عنها، أينفعها شيء إنْ تصدقت به عنها؟ قال: «نعم»، قال: فإني أشهدك أنَّ حائطي الْمِخْرَافَ صدقةٌ عليها (١).

واتفق أهل السنة على أن الأموات ينتفعون بدعاء الأحياء وبالصدقة عنهم (٢)، سواء كان المال المنفَق عنه صدقة على فقير، أو قضاء دين عن معسر، أو الإنفاق على أعمال الخير؛ كتعليم القرآن.

واقتصر الطحاوي على «دعاء الأحياء وصدقاتهم»؛ لأنه مذهب أبي حنيفة، أو أنه قصد ما اتفق عليه أهل السنة اتفاقًا تامًّا.

وكذلك الحج - أيضًا - عامة علماء أهل السنة على وصول ثوابه إلى الميت وانتفاعه به؛ بل والحج عن الحيِّ المَعْضُوب (٣)، فقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس ، قال: جاءت امرأة من خَثْعَمَ عام حجة الوداع، قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: «نعم» (٤). وفي الصحيح عنه - أيضًا : أنَّ امرأة من جهينة جاءت إلى النبي فقالت: إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: «نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنتِ قاضيةً؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء» (٥).


(١) رواه البخاري (٢٧٦٢).
(٢) التمهيد ٢٠/ ٢٧، ومجموع الفتاوى ٧/ ٤٩٨ و ٢٤/ ٣٠٦ و ٣٦٦، والروح ص ١٩٠.
(٣) المعضوب: الضعيف، والزمِن لا حراك به. القاموس المحيط ص ١٤٩. والمراد هنا: العاجز عن الحج لكِبَرٍ أو زَمانةٍ أو مرضٍ لا يُرجى برؤه. الإقناع ١/ ٥٤٣.
(٤) البخاري (١٨٥٤)، ومسلم (١٣٣٥).
(٥) البخاري (١٨٥٢).

<<  <   >  >>