للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعنه - أيضًا - أن النبي سمع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة، قال: «مَنْ شبرمة؟»، قال: أخ لي أو قريب لي، قال: «حججتَ عن نفسك؟»، قال: لا، قال: «حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة» (١).

وقال محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة: إنما يصل للميت ثواب النفقة، أما ثواب الحج فهو للحاج (٢).

وهذا خلاف ظاهر الأدلة؛ لأن قوله للخثعمية حين قالت: فهل يقضي عنه أن أحج عنه، قال: «نعم»، وقوله للجهنية: «حجي عنها»، وقوله : «حج عن شبرمة»، ظاهره الإطلاق، وصحة الحج عنه، وأن الثواب للمحجوج عنه.

ثم بعد ذلك اختلف العلماء في سائر العبادات، كالصلاة والصيام وتلاوة القرآن والذكر، هل يصل ثوابها إلى الميت، إذا عملها الحي عنه؟

أكثر أهل العلم على أن هذه العبادات يصل ثوابها فينتفع بها الميت؛ بل توسع بعض أهل العلم، وقالوا: إن أي قربة يفعلها الإنسان عن الحي أو الميت؛ فإن ذلك يصل إليه، كما في نص «زاد المستقنع»: «وأيُّ قربةٍ فعلها وجعل ثوابها لميتٍ مسلم أو حي نفعه ذلك» (٣). وهذا توسع كبير.

والذي يعنينا في هذا المقام انتفاع الأموات بسعي الأحياء، فأكثر العلماء على أن الأموات ينتفعون بهذه العبادات، فإذا صام أو صلى عن الميت ولو


(١) رواه أبو داود (١٨١١)، وابن ماجه (٢٩٠٣)، وصححه ابن خزيمة (٣٠٣٩)، وابن حبان (٣٩٨٨)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٣٣٦، وانظر: تنقيح التحقيق ٣/ ٣٩٢، ونصب الراية ٣/ ١٥٥، والتلخيص الحبير ٤/ ١٥١١.
(٢) بدائع الصنائع ٢/ ٤٥٥.
(٣) ص ٧٢.

<<  <   >  >>