للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الصلاة وتلاوة القرآن والذكر؛ فلم يرد فيها شيء، إنما عمدة من قال بوصول ثوابها وجواز فعلها عن الميت هو قياسها على ما ورد في النصوص من الحج والصيام.

وأهل السنة في جملة هذه القضية: طرفان ووسط؛ فمنهم من يرى جواز إهداء جميع القُرَبِ.

والذي دلت عليه النصوص ليس إهداء الثواب؛ بل هو فعل العبادات عن الغير، وهذا لا بد فيه من نية فعل العبادة عن الغير عند ابتداء العمل؛ كالحج عن المعضوب والميت، كما نبه على ذلك ابن القيم (١)، فليس الوارد أن الإنسان بعدما يحج يقول: اللهم اجعل ثواب حجتي هذه لفلان، أو بعدما يتصدق يقول: اللهم اجعل ثواب هذه الصدقة لفلان، أو يصوم يومًا ثم يقول: اللهم اجعل ثواب صومي هذا لفلان؛ بل من أصل العمل ينوي فعله عمَّن يريد الإحسان إليه.

ثم إن العامل إذا عمل لا يعلم هل كُتِب له ثواب عند الله أو لا، فكيف يقول: اللهم اجعل ثواب هذا العمل لفلان؟!

لكن الفقهاء لعلهم نظروا إلى أن المقصود من فعل العبادة عن الميت هو نفع الميت بما يترتب على ذلك من ثواب.

ومنهم من قصر ذلك على الدعاء والصدقة والحج على خلاف.

وأظهر هذه المذاهب هو الوقوف عند ما ورد، فنقول: ينتفع الميت بدعاء الحي، وهذا محل إجماع، وكذلك الصدقة والحج، ولاسيما


(١) الروح ص ٢١٢.

<<  <   >  >>