للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك وصف الله تعالى نفسه بالرضا في آيات كثيرة، فقال : ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [المائدة: ١١٩]، وقال : ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١١٤)[النساء]، وقال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)[محمد]، وقال: ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)[التوبة]، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال: «إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: أُحِلُّ عليكم رِضْواني فلا أسْخَطُ عليكم بعده أبدًا» (١).

فدلت هذه النصوص من الكتاب والسنة على أنه تعالى يغضب ويرضى، كيف شاء، ورضاه وغضبه ليس كرضا المخلوق وغضب المخلوق، كما هي القاعدة المطردة في صفاته سبحانه فهو تعالى يحب ويرضى ويسخط ويغضب، والمخلوق يوصف بهذه الصفات وليست صفاته تعالى كصفات المخلوق، ولا صفات المخلوق كصفاته، وهذا معنى قول الطحاوي: «لا كأحد من الورى»، أي: الخلق، على حد قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)[الشورى]، فقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ رد للتشبيه والتمثيل، وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)﴾ رد للإلحاد والتعطيل، فليس سمعه كسمع المخلوق، ولا بصره كبصر المخلوق، ولا حبه كحبه، ولا سخطه كسخطه، ولا غضبه كغضبه، وأهل السنة والجماعة يثبتون الغضب والرضا لله تعالى، ويقولون: إنهما من صفاته الفعلية التابعة لمشيئته؛ فإنه يغضب إذا شاء على من شاء، ويرضى إذا شاء عمَّن شاء.


(١) البخاري (٦٥٤٩)، ومسلم (٢٨٢٩).

<<  <   >  >>