للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخالف في ذلك المعطلة كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة (١)، فنفوا حقيقة الغضب والرضا عن الله، وقالوا: إن إثبات هذه الصفات لله يستلزم التشبيه؛ لأنهم يفسرون الغضب: بأنه غليان دم القلب طلبًا للانتقام، أو نحوه، ومن أجل ذلك نفوا حقيقة المحبة وحقيقة الرضا، وحقيقة الغضب والسخط والكراهة.

ثم منهم من فسَّر هذه الأمور بأشياء مخلوقة؛ ففسَّر المحبة والرضا بالنعم المخلوقة، وفسر الغضب والسخط والكراهة بالعقوبات التي ينزلها الله بالعصاة.

ومنهم من فسَّرها بالإرادة كالأشاعرة، فقد فسروا المحبة والرضا بإرادة الإنعام، والغضب والسخط والكراهة بإرادة الانتقام؛ لأن الإرادة مما يثبتونه من الصفات السبع.

أما أهل السنة والجماعة؛ فإنهم يثبتون هذه الصفات على حقيقتها لله تعالى على ما يليق به سبحانه، على الوجه الذي لا يماثل فيه صفات المخلوقين.

ومن الطوائف من أثبت الغضب والرضا لله تعالى، لكن قال: إنها صفات ذاتية قديمة لا تتعلق بها المشيئة، كما ذهب إلى ذلك الكلابية، فقالوا: إنه تعالى يغضب ويرضى، لكن غضبه ورضاه لازمانِ لذاته؛ كحياته وعلمه، ولا يتعلقان بمشيئته.


(١) التدمرية ص ١٤٦، وشرح حديث النزول ص ١١٢، ومجموع الفتاوى ٥/ ٢٤٩.

<<  <   >  >>