للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا باطل؛ بل هو تعالى يغضب ويرضى بمشيئته، ولغضبه ورضاه أسباب يحدثها .

وفي الحديثين السابقين: حديث الشفاعة: «إنَّ ربي غَضِب اليوم غضبًا» ردٌّ عليهم؛ فهذا الحديث نص على أن هذا الغضب إنما كان في ذلك اليوم.

وحديث أبي سعيد ، وقول الله تعالى لأهل الجنة: «أُحِلُّ عليكم رِضْواني فلا أسْخَطُ عليكم بعده أبدًا» دليلٌ على أنه تعالى يحل رضوانه في ذلك الوقت، وأنه قد يحل رضوانه ثم يسخط، كما أنه تعالى يسخط ثم يرضى على من شاء من عباده.

وينبغي أن يعلم أنه لا تلازم بين محبته ورضاه، أو غضبه وسخطه تعالى وبين مشيئته، فليس كل ما شاءه الله يكون محبوبًا له كما تزعم الجبرية؛ فعندهم: أن كل ما شاءه فقد أحبه، وكل شيء يجري بمشيئة الله؛ إذًا فكل شيء محبوب له!

وقابلهم القدريةُ نفاةُ القدر فقالوا: إن ما أحبه الله فقد شاءه، وما لا يحبه فلم يَشَأْهُ، فعندهم: أن كل ما أمر الله به من الإيمان والطاعة فقد شاءه، وكل ما نهى عنه وأبغضه من الكفر والمعاصي؛ فإنه لا يشاؤه.

فسوَّت الطائفتان بين المشيئة والمحبة، فالجبرية أثبتوا المشيئة على حقيقتها وجعلوا المحبة لازمة لها، والمعتزلة أثبتوا المحبة، وجعلوها بمعنى المشيئة.

<<  <   >  >>