فالتشبيه غلو في إثبات الصفات، فالمشبهة يقول أحدهم: لله سمع كسمعي، وبصر كبصري، ويد كيدي! فيشبه الله بخلقه، ويشبه صفاته بصفات خلقه.
ويقابل التشبيه التعطيل، والتعطيل نفي الصفات، ونفيها تقصير فيما يجب إثباته لله تعالى؛ فإنه تعالى أوجب على عباده الإيمان بما أخبر به عن نفسه من أسمائه وصفاته، قال تعالى: ﴿فَئَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨)﴾ [التغابن].
والتشبيه والتعطيل كلاهما يتضمن الغلو والتقصير؛ فالتشبيه غلو في الإثبات وتقصير في التنزيه، والتعطيل غلو في التنزيه وتقصير في الإثبات، فالمعطلة غلوا في التنزيه حتى نفوا صفات الرب تعالى، زاعمين أنهم قالوا ذلك تنزيهًا لله عن مشابهة المخلوقات، فجمعوا بين التعطيل والتشبيه وبين الإفراط والتفريط.
وأهل السنة وسط في باب أسماء الله وصفاته بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة، ومذهبهم هو دين الإسلام في هذا الباب.
وقوله:«وبين الجبر والقدر».
الجبر هو مذهب الجهمية، ومن وافقهم، وحقيقته: أن العبد - عندهم - مجبور على أفعاله، وأنه يتصرف بغير مشيئة ولا اختيار ولا قدرة؛ كحركة الريش في مهب الريح، وحركة المرتعش، وحركة الأشجار.
ويقابله القول بالقدر، وهو مذهب المعتزلة القدرية، ويسمون: القدرية، كما أن الجبرية يقال لهم: قدرية أيضًا، لكن هذا الاسم أشهر