في القدرية النفاة الذين ينفون عموم مشيئة الله، وعموم خلقه؛ فيُخرجون أفعال العباد عن أن تكون مخلوقة لله وواقعة بمشيئته وقدرته.
والجبرية يسلبون العبد فاعليته وقدرته ومشيئته، والقدرية النفاة يقولون: إن العبد هو الذي يخلق فعله بمحض قدرته ومشيئته، ولا أثر ولا تأثير لمشيئة الله في أفعالهم.
فالجبرية غلوا في إثبات القدر وإثبات فاعلية الله، وقصروا في إثبات فعل العبد وفاعليته واختياره، حيث سلبوا العبد قدرته ومشيئته واختياره وفاعليته.
والقدرية غلوا في إثبات فاعلية العبد حتى قالوا: إنه هو الذي يخلق فعله بمحض مشيئته وقدرته، وقصروا في إثبات ربوبيته تعالى، حيث نفوا تعلق مشيئة الله وقدرته وخلقه بأفعال العباد، فأخرجوا كل أفعال العباد من أقوال وحركات سواء كانت محمودة أو مذمومة عن مشيئة الله وخلقه وقدرته وملكه!
وقد تقدم ذكر بعض شبهات هذين المذهبين ومناقشتهما والرد عليهما. وهذه الكلمات جاءت أخيرًا في كلام الطحاوي كالتلخيص لبعض ما تقدم (١).
والقول بالجبر مغالطة وإنكار، وهنا بهذه المناسبة يسأل بعض الناس ويقول: هل الإنسان مخير أو مسير؟ فنقول: لا يصح إطلاق إحدى الكلمتين؛ لأن كلا منهما يحتمل حقًّا وباطلًا؛ فإن أردت أن الإنسان مخير، أي: له اختيار ومشيئة؛ فيقوم ويقعد ويتكلم بمشيئة، فهذا حق.