وما قدر الله حصوله في هذا الدعاء قد يُقدِّر سببه، وقد لا يقدر، فما لم يقدر سببه لا يحصل بالدعاء، وما قدر سببه يحصل السبب، والمسبَّبَ.
فتارة يقدر الله السبب، ولم يقدر المسبَّب.
وتارة يقدر هذا الأمر بدون هذا السبب.
وتارة يكون المقدَّر السبب والمسبَّب.
وهذا موضوعٌ معناه واسع جدًّا، فالرزق للإنسان يحصل بسبب الطلب والكدح، وأحيانًا يحصل بدون سعي ولا جهد (١).
وهذا كله يرجع إلى الإيمان بالقدر أحد أصول الإيمان، والمؤلف لما قال:«خلق الخلق بعلمه، وقدَّر لهم أقدارًا، وضرب لهم آجالًا» يريد تقرير الأصل السادس، وإن كان سيُثنِّي ويردد الكلام في القدر.
ثم أكد المصنف قوله:«خلق الخلق بعلمه، وقدر لهم أقدارًا، وضرب لهم آجالًا» بقوله: «لم يخفَ عليه شيء قبل أن يخلقهم»، أكده بالنفي، فالأول إثبات، والثاني سلب.
ثم قال:«وعلم ما هم عاملون»، وهذا أيضًا تأكيد، لكن الجملة الأولى عامَّة.