للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان - رحمه الله - يصرح قائلاً: لو أدركت علياً ما خرجت معه!!

قال يحيى بن آدم: فذكرت قوله للحسن بن صالح فقال: قل له: يحكى هذا عنك؟ فقال سفيان: ناد به عني على المنار (١) .

وعلى هذا المذهب كذلك الإمام البخاري صاحب الصحيح، فإن تراجم أبواب كتاب الفتن من صحيحه تنطق بذلك، وعلى منواله كتب مسلم وغيره من المصنفين في هذا الموضوع.

وقد رجح هذا المذهب وانتصر له شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه، ومختصر أدلته على ذلك:

١ - النصوص الكثيرة التي استند إليها الممسكون عن الفتنة، ومنها ما سبق إيراده.

٢ - ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على الحسن، لأن الله أصلح به ما بين المسلمين وحقنت الدماء، في حين أنه لم يثن على قتال أبيه لأهل الشام، بل غاية ما وصف به أنه أدنى منهم إلى الحق، بخلاف قتاله للخوارج، فقد أثنى عليه نصاً، كما أن علياً نفسه فرح واستبشر بقتال الخوارج، وتألم وتكدر بقتال أهل الشام.

٣ - أن الممسكين عن الفتنة هم من أكابر الصحابة رضوان الله عليهم وأفاضلهم، وقد ذكرنا بعضهم قريباً.

٤ - أن العبرة بالنتائج والعاقبة، ولا شك أن نتيجة الاقتتال كانت مؤلمة جداً في حين كانت السلامة في الإمساك، ولهذا ندم بعض من شارك، كما في البخاري عن شقيق بن سلمة حين سئل هل شهدت صفين؟ قال: نعم، وبئست صفين (٢) .

بل نقل شيخ الإسلام عن علي نفسه أنه قال، لله در مقام قامه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، إن كان براً إن أجره لعظيم، وإن كان إثماً إن خطأه ليسير (٣) .

٥ - أنه لا حجة في استدلال المخالفين بقتال الفئة الباغية، وذلك أن الله تعالى إنما أمر بقتال الباغية، وسماها باغية إذا رفضت الصلح ولم يأمر بقتالها ابتداء، وللصلح أبواب كثيرة، ولو بالتنازل عن بعض الحق أو كثير منه.


(١) المصدر السابق.
(٢) ١٣/٢٨٢) .
(٣) مجموع الفتاوى (٤/٤٤٠) .

<<  <   >  >>