للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يجوز لقائل أن يقول: أن المراد فى هذه النصوص بالإيمان هو الإيمان اللغوي، ويسلم أن الإيمان اللغوي هو التصديق وحده ومحله القلب، فلا ينافى أن الإيمان الشرعي يشتمل على الإقرار أو غيره على أنه جزء من حقيقته، لأنا نقول: إن الإيمان من الألفاظ التي نقلت في عرف الشرع إلى معنى، فيجب أن يحمل لفظه على هذا المعنى فى خطاب الشرع.

الوجه الثاني: أنه سبحانه جعل الإيمان شرطا لصحة الأعمال فى نحو قوله جل ذكره: «ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن» .

ونحن نقطع أن الشرط شيء غير المشروط، وهذا يصلح للرد على من جعل الإيمان هو الطاعات وحدها أو مع التصديق والإقرار.

الوجه الثالث: أنه سبحانه وتعالى أثبت الإيمان لمن ترك بعض الأعمال، فى نحو قوله سبحانه: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا» الآية، ولو كانت الأعمال جزء من حقيقة الإيمان لانتفت الحقيقة بانتفاء جزء منها (١) .

الوجه الرابع: أنه سبحانه وتعالى قد عطف الأعمال على الإيمان فى كثير من الآيات، منها قوله تعالى:

«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا» .

ولا شك أن الأصل أن يكون المعطوف غير المعطوف عليه، فلا يعطف أحد المتساويين على الآخر، ولا يعطف جزء الشيء على كله؟! "

قال: " وقد أورد القائلون بأن الطاعات من الإيمان وجوها استدلوا بها، نرى أن نذكرها لك أيضا ونبين ما في الاستدلال بها من خلل لتكون على بصيرة تامة في هذه المسألة.


(١) هناك فرق واضح بين من ترك بعض الإعمال ومن ترك جنس العمل بالكلية، وسيأتى تفصيل الرد كما أن الفرق واضح بين انتقاء الإيمان ونقصه.

<<  <   >  >>