قالوا: لو كان الإيمان عبارة عن التصديق الذي هو الإذعان والقبول والاعتراف لما اختلف في بعض المكلفين عنه فى بعضهم الآخر، مع أنا نعتقد أن إيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مثله إيمان أحد من العامة، بل ولا من الخاصة.
ويجاب على هذا بأحد جوابين:
الأول: أن ندعى أنه لا اختلاف بين إيمان أحد وأحد، وليس لنا إلا إيمان أو كفر، فإن بلغ ما عند المكلف إلى حد الجزم الذي لا يعتريه شك ولا تردد فهو مؤمن، وإن نقص عن ذلك فهو كافر.
والثاني: أن نسلم الاختلاف بين إيمان بعض المكلفين وبعضهم الآخر، ولكن لا نسلم أن هذا الاختلاف بسبب أن أعمال بعض المكلفين أكثر أو أشد إخلاصا أو نحو ذلك، بل سبب الاختلاف راجع إلى التصديق لا باعتبار ذاته بل باعتبار متعلقة، فقد يعلم بعض المكلفين تفصيل شئ مما يجب الإيمان به أكثر مما يعلمه آخر، أو سبب الاختلاف هو أن بعض المكلفين تعتريه الغفلة أحيانا وبعضهم لا تعتريه الغفلة أصلا، أو غير ذلك من الأسباب " (١) .
وقال فى شرح الوجوه التي استدل بها الشارح وهى:
أن الإيمان هو التصديق فقط، ولا دليل على نقله.
وللنصوص الدالة على الأوامر والنواهى بعد إثبات.
قال:
١ - " محصله - أي الوجة الأول - أن الإيمان هو التصديق القلبى، بدليل أن نصوص القرآن والحديث قد جعلت محله القلب، وليس لنا أن ندعى أنه نقل من هذا المعنى إلى مجموع التصديق والعمل كما يقول المحدثون وجمهور المعتزلة، فإنه لا دليل على هذا النقل، وأيضا ليس لنا أن ندعى أن الإيمان فى هذه النصوص لا يراد به الإيمان عند الشرع وإنما يراد به الإيمان اللغوى: لأن لفظ الإيمان قد نقلته الشريعة من مطلق التصديق إلى التصديق بكل ما علم مجىء الرسول صلى الله عليه وسلم به، إذ يجب في نصوص الشريعة أن تحمل الألفاظ على معانيها الشرعية التي