للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب: الاعتراض علي حقائق الإيمان والشرع بالأذواق، والمواجيد، والخيالات، والكشوفات الباطلة الشيطانية، المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله، وإبطال دينه الذي شرعه علي لسان رسوله، والتعوض عن حقائق الإيمان بخدع الشيطان، وحظوظ النفوس الجاهلة.

والعجب أن أربابها ينكرون على أهل الحظوظ، وكل ما هم فيه فحظ، ولكن حظهم متضمن مخالفة مراد الله، والإعراض عن دينه، واعتقاد انه قربة إلى الله، فأين هذا من حظوظ أصحاب الشهوات المعترفين بذمها، المستغفرين منها، المقرين بنقصهم وعيبهم، وأنها منافية للدين؟!

وهؤلاء في حظوظ اتخذوها دينا، وقدموها علي شرع الله ودينه، واغتالوا بها القلوب واقتطعوها عن طريق الله، فتولد من معقول أولئك، وآراء الآخرين وأقيستهم الباطلة، وأذواق هؤلاء خراب العالم، وفساد الوجود وهدم قواعد الدين، وتفاقم الأمر وكاد، لولا إن الله ضمن انه لا يزال يقوم من يحفظه، ويبين معالمه، ويحميه من كيد من يكيد.

ج: الاعتراض علي ذلك بالسياسات الجائرة التي لأرباب الولايات التي قدموها علي حكم الله ورسوله، وحكموا بها بين عباده، وعطلوا لها وبها شرعه وعدله وحدوده.

فقال الأولون: إذا تعارض العقل والنقل، قدمنا العقل.

وقال الآخرون: إذا تعارض الأثر والقياس، قدمنا القياس.

وقال أصحاب الذوق والكشف والوجد: إذا تعارض الذوق والوجد والكشف وظاهر الشرع، قدمنا الذوق والوجد والكشف.

وقال أصحاب السياسة: إذا تعارضت السياسة والشرع، قدمنا السياسة.

فجعلت كل طائفة قبالة دين الله وشرعه طاغوتا يتحاكمون إليه.

فهؤلاء يقولون: لكم النقل ولنا العقل، والآخرون: انتم أصحاب آثار وأخبار ونحن أصحاب أقيسة وآراء وأفكار، وأولئك يقولون: انتم أرباب الظاهر، ونحن أهل الحقائق، والآخرون يقولون: لكم الشرع ولنا السياسة.

<<  <   >  >>