للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ورد النص الصريح بتحريمه، وكان ذلك مع وقوعه في دائرة الاجتهاد الخطأ أو التطبيق المتعسف ممهدا لما وقعت فيه الأمة في العصر الحديث من الشرك الأكبر والاعتراض الأطم بتحكيم القوانين الوضعية وإحلالها محل الشريعة، بل الكراهية الصريحة لكثير مما أنزل الله، وبخاصة في الجهاد والحجاب والموالاة والسياسة، ولندع الإمام ابن القيم يفصل لنا الاعتراض التي وصلت إليها الأمة في عصره، وحسبك إن تقول بعدها: " كيف لو رأي زماننا هذا؟! ".

يقول رحمه الله: " الاعتراض: ثلاثة أنواع سارية في الناس، والمعصوم من عصمه الله منها.

* النوع الأول: الاعتراض علي أسمائه وصفاته بالشبه الباطلة:

التي يسميها أربابها قواطع عقلية، وهي في الحقيقة خيالات جهلية، ومحالات ذهنية، اعترضوا بها علي أسمائه وصفاته عز وجل وحكموا بها عليه، ونفوا لأجلها ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسول الله صلي الله عليه وسلم، واثبتوا ما نفاه، ووالوا بها أعداءه، وعادوا بها أولياءه، وحرفوا بها الكلم عن مواضعه، ونسوا بها نصيبا كثيرا مما ذكروا به، وتقطعوا لها أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون.

والعاصم من هذا الاعتراض: التسليم المحض للوحي، فإذا سلم القلب له رأى صحة ما جاء به، وانه الحق بصريح العقل والفطرة، فاجتمع له السمع والعقل والفطرة، وهذا اكمل الإيمان. ليس كمن الحرب قائمة بين سمعه وعقله وفطرته.

* النوع الثاني: الاعتراض علي شرعه وأمره:

وأهل هذا الاعتراض ثلاثة أنواع:

أ: المعترضون عليه بآرائهم وأقيستهم المتضمنة تحليل ما حرم الله سبحانه وتعالى، وتحريم ما أباحه، وإسقاط ما أوجبه، وإيجاب ما أسقطه، وإبطال ما صححه، وتصحيح ما أبطله، واعتبار ما ألغاه، وإلغاء ما اعتبره، وتقييد ما أطلقه، وإطلاق ما قيده.

وهذه هي الآراء والأقيسة التي اتفق السلف قاطبة على ذمها، وصاحوا على أصحابها من أقطار الأرض، وحذروا منهم ونفروا عنهم.

<<  <   >  >>