للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأعماله - كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: " من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد "

(قل أطيعوا الله والرسول فان تولوا) أي تخالفوا عن أمره (فان الله لا يحب الكفرين) ، فدل على إن مخالفته في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك - وان ادعى وزعم في نفسه انه محب لله (١) ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " (٢) .

ونواصل مع ابن القيم رحمه الله حيث يقول: " فانتفاء محبتهم لله لازم لانتفاء المتابعة لرسوله، وانتفاء المتابعة ملزوم لانتفاء محبة الله لهم - فيستحيل إذا ثبوت محبتهم لله وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله.

ودل على إن متابعة الرسول صلي الله عليه وسلم هي حب الله ورسوله، وطاعة أمره، ولا يكفي ذلك في العبودية - حتى يكون الله ورسوله احب إلى العبد مما سواهما، فلا يكون عنده شيء احب إليه من الله ورسوله، ومتى كان عنده شيء احب إليه منهما فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله لصاحبه البتة، ولا يهديه الله - قال الله تعالى: «قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ» (التوبة: ٢٤) .

فكل من قدم طاعة أحد من هؤلاء على طاعة الله ورسوله، أو قول أحد منهم على قول الله ورسوله، أو مرضاة أحد منهم على مرضاة الله ورسوله، أو خوف أحد منهم ورجاءه والتوكل عليه على خوف الله ورجائه والتوكل عليه، أو معاملة أحدهم على معاملة الله - فهو ممن ليس الله ورسوله احب إليه مما سواهما، وان قال بلسانه فهو كذب منه، وإخبار بخلاف ما هو عليه.

وكذلك من قدم حكم أحد على حكم الله ورسوله، فذلك المقدم عنده احب إليه من الله ورسوله، لكن قد يشتبه الأمر على من يقول قول أحد أو حكمه أو طاعته أو


(١) التفسير
(٢) رواه البخاري ومسلم رقم ٤٤

<<  <   >  >>