للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسيقولون: بل لابد من الامتثال والطاعة توا، فنقول: أغياب شخص النبي صلى الله عليه وسلم، مع بقاء دينه غضا طريا كما نزل هو السبب إذن في إعراضكم عن شرع الله، وتطاولكم على مقام الألوهية، وجلوسكم على عرش الربوبية؟!

ورحم الله الشيخ محمد بن إبراهيم حين قال في بيان النوع الخامس من أنواع الحكم بغير ما انزل الله التي تخرج صاحبها من الملة وتناقض الشهادتين:

الخامس: وهو أعظمها واشملها وأظهرها - معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا، وإمدادا، وإرصادا وتأصلا، وتفريعا، وتشكيلا، وتنويعا، وحكما، وإلزاما، ومراجع ومستمدات.

فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات، مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلهذه المحاكم مراجع هي القانون الملفق من شرائع شتي، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين للشريعة وغير ذلك.

فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب، يحكم حاكمها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به وتقرهم عليه وتحتمه عليهم، فأي كفر فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بان محمدا رسول الله بعد هذه المناقضة؟ " (١) .

وإذا كانت حقيقة المحبة هي بهذه المنزلة بالنسبة لأصل التوحيد وشهادة إن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله، فإنها أيضا من اعظم أعمال القلوب المتعلقة بتحقيق توحيد الألوهية والعبادة، ومن هنا كان الأنحراف الكبير الذي وقع فيه المتصوفة والكلاميون ونحوهم، ممن غفل عن حقيقة المحبة ومعناها ولوازمها ومقتضياتها، فأنكر شيئا من ذلك، أو صرفه في غير موضعه المشروع.

وتفصيل هذه القضايا مما لا يتسع له المجال هنا، ولكن لم أر بدا من التعرض لشيء من ذلك - لا سيما وقد وجدت كلاما عظيما لشيخ الإسلام ابن تيميه في رسالته: " التحفة العراقية في الأعمال القلبية "، هذه مقتطفات منه:


(١) تحكيم القوانين ص٦

<<  <   >  >>