للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبادة، والإنابة إليه، والتبتل له ونحو ذلك، فكل هذه الأسماء تتضمن محبة الله سبحانه وتعالى.

ثم انه كما بين إن محبته اصل الدين، فقد بين إن كمال الدين بكمالها، ونقصه بنقصها، فان النبي صلي الله عليه وسلم قال: " رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله "، فاخبر إن الجهاد ذروة سنام العمل، وهو أعلاه وأشرفه، وقد قال تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ) إلى قوله: (أَجْرٌ عَظِيمٌ) والنصوص في فضائل الجهاد وأهله كثيرة.

وقد ثبت أنه أفضل ما تطوع به العبد، والجهاد دليل المحبة الكاملة، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ) الآية.

وقال تعالى فى صفة المحبين والمحبوبين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) .

فوصف المحبوبين المحبين بإنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، وأنهم يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، فإن المحبة مستلزمة للجهاد لأن المحب يحب ما يحب محبوبه، ويبغض ما يبغض محبوبه، ويولى من يواليه، ويعادى من يعاديه، ويرضى لرضاه، ويغضب لغضبه، ويأمر بما يأمر به، وينهى عما ينهى عنه، فهو موافق له فى ذلك، وهؤلاء هم الذين يرضى الرب لرضاهم، ويغضب لغضبهم، إذ إنما يرضون لرضاه، ويغضبون لما يغضب له " (١) .

أقول: شيخ الإسلام هنا يلتفت للرد على مزاعم الصوفية المدعية للحب الكامل والولاية لله - مع تركهم الجهاد والعمل، والله تعالى أخبر أنه - إنما يكره ذلك المنافقون فقال:

(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) التوبة: ٨١.


(١) انظر التحفة العراقية.

<<  <   >  >>