للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - اليقين:

لليقين معنيان وإن شئت فقل: هو معنى واحد منظور له من جهتين:

١ - اليقين من حيث هو أصل للإيمان، إذ لا إيمان مع الشك.

٢ - اليقين من حيث هو درجة عليا من درجات الإيمان.

فبالنظر للمعنى الأول يكون كل مؤمن موقنا وإلا لم يستحق أسم الإيمان، وبالنظر للمعنى الآخر - ليس كل مؤمن موقنا، بل الموقنون طائفة خاصة من المؤمنين.

فإما اليقين بالمعنى الأول فهو شرط من شروط شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، أي إن الإيمان المجمل - قول القلب واعتقاده - لا يتحقق إلا به، فمن شك في الله أو في رسوله وما جاء به عن الله، فهو كافر لا شهادة له ولا إيمان.

بذلك أخبر الله تعالى الكفار حين قالوا لرسلهم:

(آنا كفرنا بما أرسلتم به وآنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب * قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض) " إبراهيم:٩- ١٠".

وأخبر أنهم إذا طلب منهم الإيمان بالبعث قالوا: (ما ندرى ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين"الجاثية "٣٢"

لكن إذا كان يوم القيامة يقولون:

(ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صلحا آنا موقنون) ... " السجدة:١٢"

ولهذا جاء وصف القرآن أكثر من مرة بأنه (لا ريب فيه) .

وفى حديث جابر رضى الله عنه يقول: أنا من شهد معاذا حين حضرته الوفاة يقول: اكشفوا عني سجف القبة أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يمنعني إن أحدثكموه إلا أن تتكلموا، سمعته يقول:" من شهد أن لا أله إلا الله مخلصا من قلبه أو يقينا لم يدخل النار " أو " دخل الجنة " وقال مرة: " دخل الجنة ولم تمسه النار " (١) .


(١) المسند (٥/٢٣٦) ، وسنده من أصح الأسانيد واجلها فإن الإمام أحمد رواه عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر - رضى الله عن الجميع.

<<  <   >  >>