للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى الإمام مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه - في قصة تبوك - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أشهد أن لا إله إلا الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " وفى رواية " فيحجب عن الجنة " (١)

وعنه في حديث أخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة " (٢) .

وهذا اليقين - بهذا المعنى - هو حقيقة العلم بأن لا إله إلا الله وأن محمدا

رسول الله - ومن ثم ذكر بعض العلماء (العلم) شرطا مستقلا من شروط الشهادتين، مستدلين بقوله تعالى:

«فأعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك» (محمد: ١٩)

وقول النبي صلى الله عليه وسلم " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " (٣)

وعقد الإمام البخاري باباً بعنوان:" باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أعلمكم بالله" وأن المعرفة فعل القلب، لقوله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) ثم روى حديثا آخره: " إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا " (٤) .

لكن لم أر أن أفراده هنا - أى العلم - لأن الحديث عن اليقين يشمله ويتضمنه، ولأن الحديث عن ضده، وهو الجهل بالتوحيد - كليا أو جزئيا - يحتاج لتطويل يخرج عن دائرة موضوعنا هنا.

وأما اليقين بالمعنى الأخر - أى اليقين الدرجة - فهو لب الإيمان وخلاصته وزبدته، كما قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه " اليقين الإيمان كله " (٥) ، وفى المسند " أفضل الأعمال عند الله إيمان لا شك فيه، وغزو لا غلول فيه، وحج مبرور" (٦) وهو يقابل الإيمان الكامل المفصل كما أن ذاك يقابل الإيمان المجمل، ولهذا جاء في القرآن


(١) رقم ٤٤
(٢) رقم ٥٢
(٣) مسلم رقم (٤٣) .
(٤) ١ / ٧٠) مع الفتح
(٥) المصدر السابق: ٤٨.
(٦) ٢ / ٢٥٨) ، (٢/٣٤٨) وقد تقدم تخريجه وحكمه.

<<  <   >  >>