للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرطاً للإمامة في الدين، فقال تعالى: «وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ» (السجدة: ٢٤) .

ومن ارتباطه بالصبر قوله تعالى: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ» (الروم: ٦٠)

وأخبر الله تعالى عن إمام الموحدين، فقال: «وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» (الأنعام: ٧٥) .

فقد كان الإيمان متحققا عنده - كما أخبر الله تعالى عنه في الآية التي قبلها: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» ، فرقاه الله إلى درجة اليقين، مثلما كان مؤمناً بأن الله يحيى الموتى لكن طلب الرؤية لتحصل الطمأنينة التي هي برد اليقين (١) .

وهذا اليقين هو الذي عبر عنه بعض السلف بقوله: " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا " (٢) .

وقال الآخر: " رأيت الجنة والنار حقيقة، قيل له: كيف؟ قال: رأيتهما بعيني رسول الله ورؤيتي لهما بعينيه آثر عندي من رؤيتي لهما بعيني، فإن بصري قد يطغى ويزيغ، بخلاف بصره صلى الله عليه وسلم" (٣) .

واليقين بهذا المعنى نظير الإحسان الوارد في حديث جبريل، لكن الإحسان في عمل الجوارح، واليقين في عمل القلب، والله أعلم.

فاليقين في الجملة متعلقة بالاعتقاد، وذلك أن مجمل الإيمان القلبي هو الإيمان بالغيب فإذا رسخ هذا الإيمان وارتقى عن الشكوك حتى يصبح كالمعاينة فهو اليقين.


(١) ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم " نحن أولى بالشك من إبراهيم "، أى فهو أولى باليقين فلم يشك قط.
(٢) هو عامر بن عبد القيس، انظر: المدارج (٢ / ٤٠٠)
(٣) المصدر نفسه

<<  <   >  >>