للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: «قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (*) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (*) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ» . (الزمر: ٦٤ - ٦٦) .

فعلى محك الصدق والإخلاص بطلت أكثر دعاوى العابدين، وهلك أكثر الثقلين، فالصدق يخرج كل من أدعى الإيمان - أو شيئا من أعماله - وأظهره وهو يبطن خلافه، والإخلاص يخرج كل من عبد مع الله غيره أو أراد غيره معه في عمل من أعمال العبادة - كما فى الحديث الصحيح: " قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " (١) .

ومن هنا كانت شهادة أن لا إله إلا الله هى كلمة الصدق (٢) ، وكلمة الإخلاص (٣) وأقترن الصدق والإخلاص وحل كلا منهما محل الأخر فى الأحاديث، كأحاديث الشفاعة التي وردات بها روايات كثيرة، منها: " أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصة من قلبه ونفسه " وفي رواية: " شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه "، وفي رواية " رب من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله مصدقا لسانه قلبه أدخله الجنة ".

وفي رواية: " ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا، فيخرجونهم، ثم يتحنن الله برحمته على من فيها، فما يترك فيها عبدا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا أخرجه منها " (٤)


(١) صحيح مسلم، رقم (٢٩٨٥)
(٢) من ذلك ما روي عن ابن عباس فى تفسير قوله تعالى «والذي جاء بالصدق وصدق به» انظر ابن كثير (٧ / ٩٠) .
(٣) ورد فى ذلك أحاديث حسنة بمجموعها، انظر: المسند (١/ ٤، ١ / ٦٣، ٥ / ١٢٣) .
(٤) هذه الروايات رواها البخاري والأمام أحمد، أنظر: الفتح (١ / ٤١٨) ، والمسند (٢/ ٣٧٣) ، (٥ /٤١٣) ، (/ ١١) على الترتيب.

<<  <   >  >>